حجّةاللّه


يا حجّةاللّه قد ضاق الخِناقُ بنا

فأيّ هول من الدنيا نقاسيهِ؟!

جور العِدا أم هوان الغاصبين لنا

أم طول غيبة مولىً عن مواليهِ؟!

لد مُنينا بما لو مسّ أيسرُهُ

رضوى تدكدك و انهدّت أعاليهِ

أكلّ يوم لكم يا ابن الزكيّ دمٌ

يُطَلّ هدراً و ما من ثائر فيهِ؟!

فمِن صريع قضى تحت الضّبا عطشاً

و فوق عُجف المطاسيقت ذراريه

و من طريد لكم لم يحوهِ بلدٌ

و لم يجد ملجئا في الأرض يحويه

و بين من مات صبراً بعد ما سُقِيتْ

بالسمّ أحشاؤه ويل لساقيهِ

يا طاوي البِيد يرجو نيل مقصدهِ

أرحْ (بطوس) تفز فيما تُرَجّيهِ

إنزِلْ و حيّ بها عني ضريح عُلىً

أهل السماوات ما زالت تُحيّيهِ

فيه (عليّ بن موسى )، لم يَخِب أيدا

لاجٍ إليه و لا راجٍ أياديهِ

أبو الجواد و من جدوى يديه إذا

مرّت على ميّت الآمال تُحييهِ

أفدي غريباً عن الأوطان، قد شحطت

به النّوى عن مغانيه و أهليهِ

الضامن الخلد في أعلى الجنان لمن

يزور في طوس مثواه و يأتيهِ

لم أنسَ إذ غاله المأمون حيث غدا

يُبدي له غير ما في القلب يُخفيهِ

ألقى مقاليد عهدِ الملك في يدهِ

و الغدر يابن رسول اللّه يَنويهِ

و دسّ بالعنب السمّ النقيع لَهُ

فبات مضطهَداً ممّا يعانيهِ

حتّى إذا أزف المقدور جاء لَهُ

(الجوادُ) و الدمع يجرى من مآقيهِ

سُرعانَ ما جاء من طيبةٍ فغدا

أبوه يدنيه للنجوى و يوصيهِ

و كيف يبعد في المسرى عليه مدىً

لديه سيّان قاصيهِ و دانيهِ؟!

لكنّ جسم حسين بالطفوف ثوى

عارٍ ثلاثا و وحش القفر تبكيهِ

ظمآن لم يروِ عذبُ الماء غلّتَهُ

و السّمر تروي نجيعاً من بوانيه

عريان بات بلا غسلٍ و لا كفنٍ

و ما دنا أحدٌ منه يُواريهِ


محمد علي اليعقوبي