أنوار الإمامة


يرومون طوساً جاد طوساً مُجَلجِلٌ

من السّحب خفّاق البَوارق مُمطِرُ

فأكرِمْ بها من بلدةٍ قد تقدّست

بصاحبها، و الجارُ بالجار يَفخرُ

هُمامٌ تَزِلّ العَين عنه مهابةً

و يَعظُمُ عن رجم الظنون و يَكبرُ

فسلْ محكم التنزيل عنه، فإنّهُ

سيُعرب ما عنك النواصبُ تُضمرُ

مَغانٍ أبت إلّا العلى ، فكأنّها

تُطالب وتراً عند كِيوانَ يُذكرُ

فكيف و قد جلّت بلاهوتِ قدرةٍ

تُحيّرُ أربابَ النّهى فتَحيّروا

بحيث دلالاتُ النبوّة شُرّعٌ

تَجلّى، و أنوار الإمامة تَزهَرُ

و للملأ الأعلى هُبوط و مَعرجٌ

و للعائذين الهِيم وِردٌ و مصدرُ

و كم قد علا منها مقام و مشعرٌ

فجَلّ مقام ما هناك و مشعرُ

أتتك استباقاً تَقِدّ القِفارا

سوابح تقدح في السير نارا

تصكّ مثار الحصى بالحصى

و تتبع باقي الغبار الغبارا

أرادتك أبعد غاياتها

و قبل الطواف رمينَ الجمارا

من الصافنات تباري الصبا

إذا الأفعوان على الجيد مارا

تصدّ القوانس منها التراق

و تضغط في اللب صدرا طمارا

يقيم على الريب فيها الفتى

أعقبان صيد رأى أم مهارى؟

تقلب في سبسبٍ أغيرٍ

قريب اليباب بعيد القصارى

يباب من الآل إيرادها

تقلّ خِماراً و تلقي خمارا

و تلقي السنابك في الراسيات

ورى لا تداني مداها الحبارى

إذا ظلّلت نوقهنّ انثنت

مدى عقبه النسر تهوى انحدارا

رواسٍ تسامت تريد السماء

كأنّ لهنّ على النجم ثارا

يروع الوعول بهنّ الخيال

و تنبو المها أن ترائي نفارا

تركنا سجستان ذات اليمين

و ذات الشمال جعلنا بخارى

توالى التلفّت فيها بنا

و قبل العميد الحذار الحذارا

هما خطّتان جلا عنهما

حديث الوفود و أعطى الخيارا

فإمّا تلاقي الصدور الطّعان

و إمّا تقاسي الضلوع الإسارا

و قوم إذا ارتفعت غبرة

على البتّ قالوا خيول تَجارى

تظلّ القلوب تدقّ الصدور

كاجنحة الطير و اللّبّ طارا

و يغدو وَقورهُم لاعباً

من الخوف، و الخوفُ ينفي الوَقارا

و في القوم نَشوانُ من شوقهِ

يَخالُ غبارَ الأعادي المزارا

يرى خير وصلَيه وِردَ الحُتوفِ

حذار ترائي الوداع ادّكارا

و دامت على العود غلماننا

تبيت نَشاوى و تصحو سُكارى

اطللت على النوم أجفانها

فما تطعم النوم إلّا غرارا

غدَونا بها تحت ظلّ القنا

تهادى على القلب غرثى سهارى

سَعَت و أُوام الهوى رادها

فبلّت بقرب الجوار الأُوارا

تراءى لهم من تجاه الرضا

بريقُ كسا الجوّ منه نضارا

و مشكاة أن لاح مصباحها

أعاد الدجى آيةً و النهارا

بدور اذا دار شمس الضحى

ترى فلك الشمس منها استعارا

وسل : هل تجافى لتقبيله

ثرى الأرض بين يديها صَغارا

و لمّا بدا طاقُ إيوانها

أرانا الإله هلالاً أنارا

و منه وردنا الى جنّةٍ

لو انّ الخلود يرى أن يُعارا

هناك تطاطا قرون الملوك

و يصبح سيّان دار ودارا

تؤمّ بطون الأكفّ السماء

و تنحو الجباهُ الصعيدَ افتخارا

تبثّ الشكايا و ترجى المنى

و تفدى الأُسارى و تنجو الحيارى

فصافح ذويك بذاك الغبار

و شرّف به إن مررتَ - الديارا

و من زار قبر الرّضا عارفاً

كمن جدّه أحمد الطهر زارا

أنِخْها بلغتَ، و ألقِ العصا

و صلّ و طُفْ و الزمِ المُستجارا

و إمّا نويت النوى كارهاً

فغالِطْ فؤاداً يسوم انفطارا

فمنكم اليك نشدّ الرّحال

و بين ثراكم نسوق المهارى

عليّ بن موسى و حسب الصريخ

غياث إذا دائر السوء دارا

إليك إليك و من قد حجى

رجاء سواكم عن القصد جارا

غلاصمُ جيدي استطالت إلى

أيادٍ كست أنعم الدهر عارا

و جئت على عاتقي موبق

من السيّئات عظاماً غزارا

و حسبي غداً أن يقول الذي

أعاديه فيك : اصطبرْ لن تجارى

إذا ذاق في النار طعم النعيم

و ألقى بحبّك عاراً و نارا

و أخشى الصراط و عمي الصراط

و في جددٍ قد أمنتُ العثارا

أتقفو غباري جيوش الهموم

و منها اليك خرجنا فرارا

يقول بنونا : البِدارَ البِدار

و نومي اليك الجِوارَ الجوارا

سجون سكنّ سُوَيدا الفؤاد

و كنّ الشعار له و الدثارا

غزت داره اللبّ فاستوطنت

حماها، و كانت تلمّ ازديارا

أُسامر سُود ليالٍ طوالٍ

و عهدي بها قبلُ بِيضا قصارا

عزمت المديح، و لكن أرى

قُصارى المديح لك الإعتذارا

....

على الأرض طوفان نوح طغى

فأقصى جوارا و أدنى جوارا

و مارج بحرين عذب فرات

و ملح أُجاج كما شاء خارا

و من قبله جاور المصطفى

و هيهات لا يشكران انتصارا

و كان على البيت أصنامهُم

و في البيت ثم اقتنوه شعارا

أباالصلت طوباك سرّ طُوي

لعينيك دون الأنام استنارا :

وفود الجواد لتجهيزهِ

أباه و أن يحضر الإحتضارا

طوى الأرض لا السرج متناً رقى

و لا الأبرق النهد نقعاً أثارا

فوافى سنابادَ من يثربٍ

كلَيلِ البُراق و مَن فيه سارا

سنابادُ طبتِ ثرىً، إنّما

سَماكِ لنور الرضا قد أشارا

عليّ بن موسى أتتك العروس

فصرّ الصداق و بثّ النثارا

أيحظى بها دعبلٌ جبّةً

إليها الجِنانُ تحنّ انتظارا

و أُحرمُها و الفتى دِعبلٌ

عليم بأنيَ أعلى ابتكارا

و قدنيَ من جبّةٍ خملةٍ

لو انّ العطا النزر يُرضي نزارا


الشيخ كاظم الأُزريّ (1143 - 1211 ه)